ألغت المانيا هذا الشهر 40 في المئة من لوائح الهجرة وقللت من القيود بالنسبة للعمال من ذوي المهارات المتوسطة في قطاعات تعاني من نقص حاد مثل سائقي القطارات والكهربائيين.
تستقبل المانيا الاجانب للدراسة في جامعاتها والانضمام للبرامج التدريبية التي تلقى احتراما كبيرا مع التركيز على مناطق في جنوب اوربا ترتفع بها بشدة نسبة البطالة.
استعانت بلدة ميندلهايم التي يبلغ معدل البطالة فيها 2.2 في المئة أي منعدمة تقريبا بالاسباني جان ساباتر فيالس البالغ من العمر 20 عاما للتدرب في مجال الفندقة.
ترتفع وتيرة الهجرة جدا الى المانيا لدرجة أن عدد سكان المانيا زاد في 2011 للمرة الأولى منذ نحو عشر سنوات. لكن مقارنة بعدد السكان فما زالت تجتذب عشر أعداد المهاجرين فقط الذين يهاجرون لبلد مثل كندا التي تتبع سياسة ترحب بالمهاجرين.
وما زال الكثير من جيل العمال الوافدين وأسرهم يشعرون بأنهم لا يلقوا ترحيبا خاصة غير الأوربيين.
يبيع باريس يسيلداج (26 عاما) البقلاوة في السوق التركية ببرلين ويقول إنه ولد في المانيا لأبوين تركيين لكنه لم يتم قبوله قط كألماني. مضيفا “امضيت الخدمة العسكرية التطوعية هنا.. لكن ضابطا قال لي إني أفعل ذلك من أجل المال وليس من أجل المانيا”.
وفي حين أن اليمين المتطرف ضعيف سياسيا الا ان كراهية الأجانب ما زالت تتسرب إلى المناقشات اليومية في المانيا.
لكن في واقع الأمر فإن النظام المدرسي في المانيا الذي لا يلقي دروسا إلا لنصف اليوم الدراسي لا يساعد أبناء العمال الوافدين على تعلم اللغة الالمانية وهذا ربما يعني لاحقا العمل في وظائف لا تتطلب مهارات.
وتقول الأمم المتحدة “إن ألمانيا تتلكأ في مواجهة مشكلة التمييز في مجالات مثل الإسكان وهو الأمر الذي أدى إلى جعل المهاجرين يعيشون في مناطق بعينها دون غيرها”. كما “أن المهاجرين لا يلقون التمثيل الكافي من حيث العمل في المناصب الحكومية والشرطة ووسائل الإعلام”.
لكن ما من شك أن أحدث موجة من المهاجرين تواجه عراقيل أقل امام الاندماج الاجتماعي ومن أسباب ذلك بالطبع أن أغلبهم أوروبيون تلقوا قسطا راقيا من التعليم وحصلوا على مساعدة لتعلم اللغة.
ونظرا لنقص الأطباء في المانيا صدرت لأوجرتاس البالغ من العمر 25 عاما تأشيرة لتعلم الألمانية خلال شهرين من الطلب الذي قدمه. وقال “مسؤولو الهجرة كانوا يعاملوني بلطف حقيقي”.
على مدى عشرات السنين جرت العادة على تصوير ملايين السكان من ذوي الأصول التركية على أنهم عالة على المجتمع الا ان صناع السياسات باتوا يحاولون الآن استرضاء الأجانب ويتعلمون أن يكونوا أكثر قبولا للآخر.
ونحو خمس السكان وثلث التلاميذ لديهم أصول غير ألمانية مما يعني تزايد نسبة هؤلاء من الناخبين.
ومع اقتراب الانتخابات في سبتمبر/ أيلول تتضح جيدا المواقف التي تبدلت في خطاب حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي تنتمي له المستشارة انجيلا ميركل.
وقبل عشر سنوات عندما ارتفع معدل البطالة وكانت قوانين الهجرة صارمة كانت حملة حزب ميركل تركز على شعارات مثل (أبناؤنا أولى من الهنود) لكنه الآن اصبح يدعو إلى (ثقافة الترحيب) بالمهاجرين.
ومع اقتراب البطالة من أدنى مستوى منذ إعادة توحيد شطري المانيا عام 1990 تواجه المانيا نقصا يبلغ 5.4 مليون من العمال المهرة بحلول 2025 رغم محاولات للاستعانة بالمرأة وكبار السن.
تشتهر المانيا بالعراقيل البيروقراطية التي تضعها أمام المهاجرين الذين يرغبون في تحسين مستواهم المادي.
ولم يتم تشجيع مئات الآلاف من (العمال الوافدين) الذين جاءوا من إيطاليا واليونان وتركيا ودول اخرى في الجنوب في الستينات للمساعدة على إعادة بناء البلاد بعد الحرب العالمية الثانية على الاندماج في المجتمع وتعلم اللغة الألمانية لكن كثيرين فعلوا ذلك.
وخشية من البطالة خلال أزمة النفط في السبعينات أوصدت ألمانيا أبوابها وحاولت إعادة الضيوف الذين لم يعودوا موضع ترحيب.
بل ان تدفق طالبي اللجوء وذوي الأصول الألمانية من الاتحاد السوفيتي السابق في التسعينات وتحديات إعادة التوحيد جعلت المانيا أكثر عزوفا عن فتح الباب للهجرة.
واستمرت القيود المفروضة على الهجرة من الاعضاء الجدد في الاتحاد الأوربي منذ مطلع القرن الحادي والعشرين لفترة أطول من أي بلد آخر في الاتحاد.
لكن مع تحسن سوق العمل في المانيا منذ مطلع القرن الحادي والعشرين كان هناك نقص كما أن إجراءات لسد الفجوة مثل صفقات للاستعانة بعاملين في مجال القطاع الصحي من الصين والفلبين لم تكن كافية لسد النقص.